السبت، 29 نوفمبر 2014

الدوائر الجنائية / أسباب الإباحة " الدفاع الشرعى "

لما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى , لمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب , إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه ويؤدى منطقياً إلى ما انتهى إليه , كما أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع تجزئة اعتراف المتهم أو أقوال الشاهد إلا أن ذلك حده ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها . لما كان ذلك , وكان الحكم قد اعتمد في نفى حالة الدفاع الشرعى عن النفس على ما قرر به المتهم في تحقيق النيابة العامة من أنه أطلق العيار النارى الذى أصاب المجنى عليه من السلاح النارى المضبوط ، في حين أن الثابت من أقوال الطاعن – في تحقيقات النيابة – على ما يبين من المفردات التى أمرت المحكمة ضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المجنى عليه هو الذى بدأ بالاعتداء عليه من سلاح نارى كان يحمله وأطلق منه عياراً نارياً أصاب الطاعن وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعى الخاص به وتأيد ذلك بأقوال شاهدى الإثبات ..... و..... بجلسة المحاكمة .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اقتطع جزءاً من اعتراف المتهم – الطاعن – على النحو المتقدم وأهدر التقرير الطبى المبين للإصابات التى به برغم من أنه جعل منها ركيزة لدفاعه , وكان التشاجر بين فريقين إما أن يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع , حيث تنتفى مظنة الدفاع الشرعى عن النفس , وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق ورداً له من الفريق الآخر فتصدق في حقه حالة الدفاع الشرعى عن النفس أو المال , وقد ينشأ هذا الحق ولو لم يسفر عن أية إصابات متى تم بصورة يخشى منها الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه في معرض رده على نفى حالة الدفاع الشرعى اعتمد من بين ما اعتمد عليه على خلو الأوراق والتحقيقات من وجود اعتداء على الطاعن من المجنى عليه ، وهو ما يغاير الثابت بالأوراق من وجود اعتداء على الطاعن وأسقط الحكم من الوقائع الثابتة في التحقيق ـ حسبما تقدم البيان ـ ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها إيراداً ورداً عليها استظهاراً للصلة بين الاعتداء الذى وقع على الطاعن والذى وقع منه وأى الاعتداءين كان الأسبق وأثر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعى لدى الطاعن , فإن الحكم يكون قد قصر عن تصوير حقيقة الحالة التى كان عليها الطاعن والمجنى عليه وقت وقوع الحادث , الأمر الذى لا تستطيع معه محكمة النقض مراقبة صحة تطبيق القانون , ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد)